مقالات
أخر الأخبار

ترند الشوكولا: حكاية ترويها السوشيال ميديا

ترند الشوكولا: حكاية ترويها السوشيال ميديا

 

بقلم : مروة أبوسالم

 

في أروقة المدارس وبين دفاتر التلاميذ وأقلامهم، ظهرت صناديق الشوكولا الفاخرة كمبعوثٍ يحمل رسالة المحبة والتقدير من التلميذ إلى معلمه. مشهد يفيض بالحنين والبراءة، لكنه يخفي في أعماقه قصة أخرى، تحكي عن سطوة السوشيال ميديا وتأثيرها الذي يتغلغل في تفاصيل حياتنا، ليحوّل حتى أبسط تعبيراتنا عن المشاعر إلى جزء من “ترند” يجتاح العقول والقلوب على حد سواء.

 

الشوكولا بين المظهر والمخبر

 

ما كان يومًا رمزًا للمودة العفوية أصبح الآن قطعة أخرى في أحجية الموضة الرقمية. هدية الشوكولا التي كانت يومًا ما تُقدّم بمشاعر خالصة، أصبحت أسيرة لعدسات الهواتف، تُصوَّر وتُرفع على المنصات الاجتماعية لتصبح شهادة انتماء إلى موجة جديدة من التقاليد المُملاة. فالتلميذ الذي كان يحتار في كتابة كلمة “شكرًا” بات يبحث عن العلامة التجارية الأفخم، لأن الحب، في عصرنا هذا، يُقاس بلمعان الغلاف وكثافة الكاكاو.

 

حكاية التبعية والخوف من الفراغ

 

وسط هذه العاصفة الرقمية، تتساقط أوراق الاستقلالية من شجرة القيم. لم يعد السلوك قرارًا ذاتيًا، بل استجابة لضغط غير مرئي. التلاميذ الذين كانوا يومًا يهدون وردة أو يرسمون بطاقة أصبحت مشاعرهم مرهونة بـ”الترند”، وكأن أرواحهم الصغيرة تبحث عن هوية في عالم تتلاطم فيه الأمواج الافتراضية بلا رحمة.

 

دور الحكماء في هذا الزمن

 

وهنا، يُطل السؤال: أين الأهل؟ وأين المعلمون من كل هذا؟

إنهم الحراس على بوابة القيم، يحملون مفاتيح الوعي والتفكير النقدي. في أيديهم تُزرع بذور الاستقلالية، تُروى بالكلمات التي تُعلّم أن المشاعر ليست بحاجة إلى صندوق أنيق لتكون صادقة. يمكن للحب أن يظهر في كلمة مكتوبة بخطٍ متعرج، أو في وردةٍ قطفتها يد صغيرة من حديقة المنزل.

 

رسالة إلى الأجيال

 

في خضم هذا الزخم، يبدو أن الأجيال الصاعدة بحاجة إلى درعٍ يحميها من هذه العاصفة الرقمية، إلى وعي يميز بين ما هو حقيقي وما هو مصطنع. فلا الحب يُشترى، ولا الامتنان يحتاج إلى إعلان.

 

ختام الحكاية

 

“ترند الشوكولا” ليس سوى مرآة لما آلت إليه أرواحنا في زمن السوشيال ميديا. إنه نداءٌ يدعونا للتوقف والتأمل: هل أصبحنا نسير بلا وعي خلف ما يفرضه الآخرون؟ وهل نحتاج حقًا لكل هذا البريق لنعبر عن أنفسنا؟

ربما تكون الإجابة في يد طفل، يهدي لمعلمه وردة، ويكتب بخطٍ بسيط: “شكرًا لأنك علّمتني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى