مقالات

* حين تذبح الكرامة ، وتهان القيم :

—————————————-
بقلم الكاتب والمحامي : عبدالعزيز الطباخ
“””””””””””””””””””””””””” “”””””””””””””””””””””
… حين تذبح الكرامة علي مرأي الجميع ، وفي وضح النهار .. وحين تنطلق الوحوش من أحراشها ، وتخرج الحيات من مخابئها .. وحين تهدر القيم ، ويهان الشيوخ و الطيبون في أسواق السفالة ، وفقر الأدب ، وانعدام التربية ، في زمن إنتشرت فيه الأوبئة الأخلاقية .. فلم يعد الصغير يحترم الكبير ، ولم يعد الغني يراعي حق الفقير إلا من رحم ربي ، ولم يعد القوي يرفق بالضعيف …

… وفى زمن صار فيه كل شيءٌ مباح .. يتسلل وجع الواقع نحو القلوب ، ويتلوث الهواء الذي نتنفسه بدخان اليأس ، وتضيق بنا الحياة ، ويتواري الحسن والجمال خلف أسوار القبح ، والبشاعة …

… وحين يستعذب الحزن أغانينا ، ذلك الحزن الذي صرنا نتغني به من كثرة مآ يرافقنا ولآ يغادرنا ، وإذا ترفق بنا يوما وغادرنا رحمة بنا ، وإشفاقا علينا ، مآ يلبث أن يعود إلينا فى صورة أخري .. صورة أشدّ قتامة وقسوة ، فتستعر ناره من تحت الرماد ليزداد لهيبا يحرق أنفاسنا .. حتي صار كل إنسان يحمل هما أو جرحاً ينزف بداخله ، جرحاً ربما لآ يشعر به غيره .. جرحا لآ يشفي ، ولآ يندمل ، حتي كثرت جراحنا .. وفي النهاية : بخلت علينا الحياة بالدواء …

… واقع مرعب يغتصب منآ أجمل سنوات عمرنا .. واقع مزري لم يكن علي بال أحد ، أن يتسول الكثيرين كرامتهم ، وحقهم في العيش الكريم .. واقع يعجز فيه الشباب عن العمل والكفاح ويفتقد حقه فى المشاركة والزواج وبناء أسرة لضيق ذات اليد .. بل سلب منهم الواقع حقهم فى الحلم .. واقع تشتري فيه إرادة الكثيرين بالمال السياسي وغير السياسي ، دون أن يحق لنا أن نسأل من أين أتي هؤلاء بكل هذه الأموال التي لآ حصر لها ، فى وقت يئن فيه عشرات الملايين من الفقراء من قسوة الحياة ، ويقع علي عاتقهم دائما وأبداً فاتورة الإصلاح .. واقع تشتري وتورث فيه الوظائف لفئات معينة ويحرم منها الآخرين رغم صلاحيتم ، وتمنح المناصب بالحب ودون أي خبرة ، فيساء إستخدام موارد البلاد وخيراتها .. والضحية في النهاية هى الوطن الكبير ، ومستقبل الأجيال القادمة …

… ونتساءل في حزن عميق ، وفي شوق المحب لوطنه ، العاشق لتراب بلده وأهله : متي تشفي الجراح ، ومتي تعود إلينا كرامتنا المسلوبة ، وإنسانيتنا المهدرة .. فليس الوطن مكانا نعيش فيه فقط ، بل هو إحساس بالعزة والكرامة والعدالة والمساواة والحب والإنتماء والأمان ، ومن أين يتحقق لنا كل ذلك والوطن لآ يفسح لنا مكاناً نعيش فيه بكرامة …

… وليس العلاج أبداً فى الهروب .. فمن يهرب من الحقيقة يظل أسيرا لها ، مقيداً بصفود الجهل والوهم والكذب والخداع والنفاق .. أما من يواجهها ، ويطهرها من الدنس والفساد ، فربما يروضها ويسودها ويسيطر عليها ، ويضع الحلول لإرسائها ، لتشرق شمس أوطاننا من جديد ، وتعانق أشجارها الخضراء عنان السماء …

“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى